على من يراهن الشعب التشادي؟!


 

هذا التساؤل البسيط ليس ناتجا عن جهل بما هو جاري هنا وهناك!ولكن ربما يعتبر بمثابة صرخة استغاثة من مواطن مجهول نتيجة لمعايشته للواقع المزري هناك في بلاد سيدي الحاكم ، حيث الكل يرقص على أنغام التغيير!

التغيير…التغيير كلمة ربما فهمها وفسرها الكل حسب مصالحه الشخصية وبدا الوضع وكأننا بحاجة إلى قاموس جديد نتيجة لكثرة مضمون ومرادفات هذه الكلمة! إلا أن الرأي السائد والذي اقتنع به الكثيرون هو -أي التغيير- مجرد حصان طروادة حيث الكل يريد أن يعتليه ليصل به إلى المدينة المحصنة ، هناك حيث حكومة سيدي الحاكم …ولكن دعونا نلقي نظرة عامة وسريعة على بعض شرائح المجتمع لنرى فيما إذا كان هناك تطابق في التعريف…

لنبدأ بهذا الطالب الذي عندما كان يدرس في الخارج راهن عليه الكثيرين ، لأنه كان جريئا ، ومقداما! ينادي مرارا وتكرارا بالتغيير، ولكن ريثما وصل إلى هناك حيث المملكة، ضاقت به الدنيا ذرعا وكثرت متطلباته ومسؤولياته،فنسي أو تناسى كل مبادئه! واضطر إلى الرشوة كي يحصل على الوظيفة، لأنه الروتين هناك…وإذا به عضو بارز في حكومة  سيدي الحاكم!

وذاك الصحفي والناشط الذي كان في الماضي القريب يكتب ملاحظات ومقالات ومقترحات قيمة لكل ما كان يجري هناك، حيث أشاد الكثيرين على كفاءته المهنية حتى راهن البعض عليه في إصلاح مسار التلفزيون الوطني ! لأنه حينها كان مستقلا في آرائه وخاصة عندما بدت ألحانه وكأنه ينادي من أجل التغيير، إلا أنه ربما حصل على التغيير الذي يريده! لأنه مؤخرا بات مشغولا بنشر بعض الصور –السياحية- بين الحين والآخر…وكأنه وصل إلى حيث أراد!

وهؤلاء المثقفون الذين كان يراهن عليهم الكثيرون من أجل التغيير! إلا أنهم فاجئوا الكل عندما قدموا دكتوراه فخري لرجل لم ولن يجرؤ يوما ليقول بأن الذي درس بالعربية ليس بحاجة لترجمة شهادته إلى الفرنسية – قديما كنت أظن بأن العربية تساوي الفرنسية في تشاد!!فلماذا الترجمة إذا؟-!…مؤخرا تكتلوا هؤلاء المثقفون ليتحالفوا مع حزب السلطان! وكما هو متوقع بالمقابل عوضهم السلطان بحقائب وزارية ومناصب إدارية لمسايرة قافلة النهضة …ربما هذا هو نوع التغيير الذي يصبون إليه..

وهذا الشعب الذي ينادي من أجل لتغيير نهارا ويضع الأوساخ في المجاري المائية ليلا! يستبشر بمجيء الثوار ويستقبلهم من ضواحي العاصمة  تارة! ويمتلئ به الملعب الرياضي إدريس محمد أويا لاستقبال السلطان أثناء الحملات الانتخابية تارة أخرى! ينتقد النظام أحيانا وعندما تسنح له الفرصة للظهور على التلفزيون فإن أول ما يقوله هو ” نشكر فخامة الرئيس ….” كما اتصل أحدهم يوما لإحدى الإذاعات المحلية عندما كان هناك برنامج يبث على الهوى حيث يتناول مخاطر الترامول –أي الحبوب المخدرة أو المنشطة على حسب القاموس- قائلا : << نشكر سيد الرئيس الجابا لينا ترامول…والله الترامول ساعدانا كتير في الحراتة…>>

أم على ذاك الوزير الذي يأتي إلى الوزارة خماصا ويروح بطانا حاملا معه حتى الجلسات والكراسي إلى حيث منزله…

أم على أمنا فرنسا التي تريد لنا كل الخير، وخير دليل على ذالك هو احتفاظها بهذه الجمجمة التي باتت تعرف ب “توماي”  في متحفها هناك حيث يرتادها الملايين، على الأقل استفدنا لقبا جديد وهو عيال توماي!!

ربما نعود ونلقي برهاننا على هؤلاء الفرقاء السياسيين الذين جعلوا من كلمة “المعارضة” ثقافة جديدة –مع احترامي للبعض- حيث قضوا عشرات السنين في الخارج بحجة التغيير، إلا أنهم أخيرا رجعوا إلى البلاد استجابة لسياسة “اليد الممدودة” التي أطلقها السلطان، ليحصلوا على بضع فرنكات وبعض المناصب السرابية على حساب الأبرياء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل التغيير..

بما أن المعارضة بعيدة عن الحدود!!  والانتخابات على الأبواب، وهذا المواطن المجهول لا زال لم يجد الإجابة الشافية على التساؤل المطروح: على من يراهن الشعب التشادي؟ ربما سيراهن الشعب مجددا على فخامة السلطان الذي فشل في إدارة شؤون البلاد على رأي البعض، ونجح على رأي الآخرين! حيث قرابة عقد من الزمان والشعب يطفوا  في بحر من البترول!! ووضع البلاد باق كما هو لكل من يفهم النسب والتناسب!! والقطاعات الأساسية كلها منهارة و…..الخ! ربما حان الوقت لنقول بأن محلنا من الأعراب هو : في محل مجرور نظرا لهذه الأقوال الصحيحة والأفعال المعتلة، و يجدر بنا ان ننادي من أجل التغيير!!ولكن عن أي تغيير يا ترى؟ ربما سيظل السؤال باق كما هو: على من يراهن الشعب التشادي؟؟ index