عندما يعبر الطلاب عن غضبهم 2


 

قبل شهرين ونيف، سجل طلاب الثانويات تاريخا سوف لن ينساه الشعب التشادي قريبا: عندما عبروا عن غضبهم من حكومة النهضة وتضامنهم مع أساتذتهم الذين كانوا قد دخلوا في إضراب بسبب تأخر رواتبهم، حيث عبروا عن غضبهم حينها باحتجاجات عارمة في الشوارع، وماهي إلا ساعات، انتقلت الشرارة من أنجمينا إلى سار ومندو في أقصى جنوب البلاد، ونالت دعما شعبيا حاشدا، حيث خرجت الناس في الشوارع حاملة معها الأواني تصدر ضجيجا وتجوب في الشوارع مساندة للمعلمين من طرف، و امتعاضا من غلاء المعيشة والوضع الأجتماعي البائس الذي لطالما أكتووا بنيرانه من طرف آخر…. وهكذا سوف يبقى الحادي عشر من نوفمبر تاريخا يسجل بأحرف من ذهب في ذاكرة الشعب التشادي، ولكن ما علاقة الأمس بالبارحة؟

 

بالأمس وبينما كان أغلب الوزراء والقادة السياسيين بقيادة رئيس جمهوريتي يحتفلون ويرقصون ويتمايلون بأنغام الدورة الغيرعادية للحزب الحاكم، أقصد –الحركة الوطنية للإنقاذ- بقصر الخامس عشر من يناير، ويحاولون إيجاد سبل جديدة لتمكنهم من البقاء في السلطة، وإختيار أمين عام جديد لقيادة المرحلة القادمة، ففي جنوب البلاد وبالتحديد في مدينة دوبا حاضرة إقليم لوغون الشرقية يطلق النيران على الطلاب …

 

الأمر ليس وليد الصدفة، ولكن الحكاية بدأت من هناك حيث ثانوية باسكال يادومناجي عندما لم يجد الطلبة الذين أخفقوا في امتحان العام الماضي أسماءهم على قائمة الترشيح لللشهادة الثانوية للعام 2015 م، حيث طلب منهم الناظر ألتقديم والدراسة عن طريق الانتساب على حسب الإجراءات الرسمية التي اعتمدتها الدولة كخارطة طريق، للخروج من مأزق تدني المستوى! وفي الوقت نفسه وعلى حسب المعلومات الواردة من قلب الحدث، حيث أن الناظر طلب من الطلبة دفع رسوم محددة لإعادة كتابة أسماءهم على القائمة الرسمية للترشيح، فرفض الطلاب هذا الأجراء الذي اعتبروه فسادا وخرجوا في الشارع محتجين بما ورد من الناظر من ناحية، ورفضا لقرارات الحكومة القاضية بالدراسة والتقديم عبر الانتساب لكل من أخفق في امتحان الشهادة الثانوية من ناحية أخرى!

 

الطلاب وكعادتهم خرجوا في الشوارع العامة ليعبروا عن غضبهم، حيث قاموا بحرق بعض المرافق العامة وكسر نوافذ السيارات الحكومية و…الخ! ولكن لم يمض وقت إلا وانضم عليهم الكثير من الشعب تضامنا معهم للمطالبة بحقوقهم ، وما هي إلا لحظات، حيث وصلت القوات الأمنية وأحاطت بالمحتجين إلا أنهم صمدوا أمام القوات ، ولم تجد القوات وسيلة أخرى سوى اطلاق الرصاصات الحية على الطلاب، حيث الكثيرين لقوا حتفهم إضافة إلى مجموعة من المجروحين الذين تم نقلهم إلى المستشفى المركزي!

 

الطلاب والأهالي جمعوا قواهم ونادوا بتظاهرة سلمية جماهرية، ردا على هذه الممارسة القمعية والتعسفية التي قامت بها القوات الأمنية، ولكن ممثلي الحكومة هناك،رفعوا يد العون وطلبوا أن تغيثهم أنجمينا بقوات خاصة تحسبا من تفاقم هذه الاحتجاجات التي ربما ستكون القشة التي ستقصم ظهر البعير، وبالمقابل فتحت التحقيقات وتجري الأمور على قدم وساق للوقوف على ملابسات هذه القضية… ولكن التساؤل الذي يدور في ذهني:

 

• هل الشعب التشادي يجب أن يلقي برهانه على الطلبة؟
• لماذا ينجح الطلبة في القيام بالاحتجاجات للمطالبة بأبسط متطلباتهم في الوقت الذي يفشل فيه الشعب عن قول كلمة “لا” أمام قرارات سيدي الحاكم التي لا تنصب غالبا في مصلحة المواطن؟
• ما الذي يميز الطلبة ويدفعهم للقيام بمثل هكذا الخطوات في الوقت الذي يقف فيه الآخرون مكتوفي الأيدي؟
• هناك من يتحجج بأن هناك أيادي خارجية تقف خلف الستار ، ولكن بالمقابل لماذا عندما يبدأ يزيد وعي الناس، يزيد إيمان الآخرين بنظرية المؤامرة؟
• هل الخوف من فقدان مصالحهم هو الذي يقودهم إلى مثل هكذا الحجج؟
• أم أنه حقيقة، هناك من يقف خلف الستار ويحرك الطلاب عن بعد؟!

 

لا أحد يؤيد التخريبات وحرق المرافق العامة، ولكن على الحكومة أن تلبي متطلبات الشعب وتنظر في احتياجات الطلاب بدلا من اطلاق الوعود البهلوانية والخطابات المنمقة التي لا تمت للواقع بالصلة، فالرصاصات الحية التي تطلقها، والأفواه التي تكممها لن تحل المشكلة …