القوات التشادية في مواجهة مع جماعة “البوكو حرام”…


صورة توضيحية لاحدى كتائب القوات التشادية
صورة توضيحية لاحدى كتائب القوات التشادية

وبعد الحرب الشرس التي قادتها بجانب القوات الفرنسية ضد “الاسلاميين المتشددين” في مالي، ومشاركتها الفاعلة في استتباب الأمن في جمهورية أفريقيا الوسطى، تتوجه القوات التشادية اليوم نحو الكمرون بتفويض من الجمعية الوطنية التشادية وبأمر من سيدي الحاكم – رئيس جمهوريتي – لدحر جما عة البوكو حرام والخوض معها في حرب مفتوحة، ولكن من هي بوكو حرام؟

 

لايختلف اثنان في أن جماعة بوكو حرام كانت في بداياتها حركة صغيرة قامت على أساس معاداة التعاليم الغربية وكل ما يمت للغرب بصلة، وكانت تشن حروبا بين الفينة والأخرى لكل المؤسسات التي كانت تمثل الحكومة الفدرالية، ورجال الأمن وإلى ما هنالك من القصص الدموية المعروفة، ولكن مؤخرا يبدو أن “الجماعة” غيرت استراتيجيها وانتهجت أسلوبا آخر وبدت كمن يدور في دوامة، حيث بدأت باستهداف الجميع: سواء كانوا أبرياء في سوق، مسلمين في مسجد، أومسيحيين في كنيسة، وبدأت بتوسيع نطاق عملها وسقف طموحاتها، فها هي الآن توجه فوهات بنادقها نحو الكمرون وربما – لا قدر الله- تشاد، و تشن هجوما بربرية في ولاية برنو التي لا تبعد سوى كيلو مترات عن تشاد، وهجرت أكثر من 12 ألف نيجيري إلى بحيرة تشاد منهم ثمان جنود على حسب لسان وزير الداخلية والأمن العام، ولكن هل هذا يعتبر مبرر كافي لخوض تشاد حربا ضد الجماعة؟

** لماذا تتدخل القوات التشادية؟
على حسب وجهة نظري تتدخل تشاد في هذه الحرب (الذي يزعم البعض بأنها لا ناقة لنا فيها ولا جمل) لنقطتين أساسيتين:
• أولا تلبية لنداء الاستغاثة الذي نادت به الجارة الشقيقة الكمرون، حيث بعثت بوزيردفاعها، والذي وقع مع تشاد اتفاقية تعاون! من ناحية، واستجابة لأواصر الصداقة بين البلدين، والذي ربما يجسد بوادر لتضامن أفريقي جديد في الوقت الذي فشل فيه الاتحاد الأفريقي والفضاءات الأفريقية الأخرى في إيجاد جيش أفريقي قوي وموحد للتدخل السريع، من ناحية أخرى.

• ثانيا، ليس سرا على أحد في أن العاصمة التشادية أنجمينا – إن لم نقل تشاد- تعتمد اعتمادا شبه كلي على الجارتين الشقيقتين: الكمرون ونيجيريا، في أغلب الجوانب الحياتية، ناهيك عن استيراد البضائع وتصديرالثروة الحيوانية التي تشكل احدى القطاعات الأساسية التي تعتمد عليها الدولة في اقتصادها. إضافة إلى أنابيب بترولنا التي تمر عبر أغلب المناطق الكمرونية وإلى حيث ميناء كريبي، ومشروع أنابيب النيجر الذي يفترض أن يبدأ مشروعه هذا العام كي تلتحم مع أنابيب تشاد، كل هذه المشاريع والبنود المذكورة لا يمكن أن ترى النور ولا يمكن أن تستمر، وستظل مهددة وخاصة في وجود مثل هكذا التهديدات القادمة من أبوبكر شوكو وجماعته الذين بدأو بتوسيع نطاق أعمالهم.

هل سنقف مكتوفي الأيدي وننتظر – لا قدر الله – قدوم البوكو حرام في قلب عاصمتنا؟

أمن المنطقي أن نقف بعيدا ونقول بأن هذه الحرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل؟

أم أن الوقاية خير من العلاج؟

 

تخيلوا معي لو تسللت –لا قدر الله – جماعة البوكو حرام في بلادنا وفجر احدهم قنبلة في السوق المركزي أو المسجد الكبير أو احدى الكنائس الكبيرة! كم سيكون عدد الضحايا؟ كلنا مع الأمهات والزوجات الأرامل اللاتي فقدن أزواجهن في المعارك وفقدن الأمل من الحروبات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، نتفهم شعور الأطفال الأيتام ومعاناة الأسر التشادية الذين فقدوا أبناءهم في ميدان الحرب، ونتفهم كل من يرفض هذا التدخل نتيجة لما عايشه من واقع أليم، ولكن كي لا تتكرر مثل هكذا المعاناة، وكي لا تكون هناك ضحايا دعونا نقف ونساند قواتنا “البواسل” لكي تدع حدا لهذه الجماعة، وتضمن لنا مصالحنا في المنطقة.