أزمة الوقود في تشاد: من المسؤول؟


10736059_381129422042048_107785141_n

السيد جوكولوم! أحد سكان حارة عطرونا، يشتغل كمساعد بناء في إحدى المشاريع الحكومية الواقعة هناك في فرشا، والتي تهدف إلى جعل العاصمة التشادية “مرآة لأفريقيا”… كعادته كل صباح وقبل أن يتحرك وخاصة أثناء موسم الأمطار، يغسل السيد جوكولوم دراجته النارية من فضلات الطين التي كانت تلتصق بعجلات دراجته، والتي تنجم من مياه الأمطار الراكدة التي لطالما وقفت عائقا في طريقه، وبعدها يعكف بإحدى محطات تزويد الوقود لأخذ البنزين ثم يتوجه صوب عمله الذي لا يسمح فيه التأخير كثيرا ولا يقبل فيه الأعذار ولا الاعتذار…

تعجب السيد جوكولوم كثيرا من المظاهر التي كان يلاقيها وهو في طريقه إلى العمل، وخاصة عندما وصل إلى محطة الوقود التي اعتاد عليها منذ أكثر من ثلاث سنوات: حيث الطوابير اللانهائية، والسيارات المركونة هنا وهناك، وأصحاب الدراجات النارية المنتشرين عشوائيا، إضافة إلى بعض الشباب الذين كانوا يحملون معهم غالونات، آملين أن يحصلوا على البنزين بأسعار مناسبة، كي يعيدوا بيعه في الأحياء بأسعارهم الخاصة.

نظرا لصعوبة الحياة، وغلاء المعيشة، والمسئولية الكبيرة الملقاة على عاتقه، لم يهتم السيد جوكولوم كثيرا لما كان يجري في العاصمة أنجمينا، ولم يكن على دراية تامة بأن هناك أزمة في الوقود، ركن دراجته النارية إلى حيث انتهى به الطابور، سأل أحد الأشخاص عن سبب الازدحام، فرد عليه قائلا : “هناك أزمة في الوقود، حمدا لله هذه المحطة ربما حصلت على الوقود بمعجزة ما! في الوقت الذي تظل فيه أعلب المحطات مغلقة!” وأضاف قائلا :”..وعلى حسب الأخبار المتداولة، فإن مصفاة جرماي ستظل مغلقة من الآن وإلى نهاية نوفمبر، لغرض صيانة داخلية “… من خلال تعابير وجهه أدرك الشخص بأن جوكولوم لا يزال حائرا و مستغربا ، فطمأنه قائلا: “…ولكن الشركة الوطنية للمحروقات (SHT) أعلنت بأن لديها ما يكفي من الاحتياط لتلبية رغبات الشعب، طيلة فترة الصيانة، إلا أن التساؤل الوحيد الذي يقلقها هو مصير الحاويات التي تخرج من مصفاة جرماي متوجهة إلى العاصمة بهدف تزويد المحطات بالوقود؟ حيث أن أغلب أصحاب المحطات يشكون من عدم وصول الحاويات إليهم، فالسؤال الذي يطرح نفسه، هو: أين تذهب تلك الحاويات؟ أم أنها كانت تتبخر بين هذه المسافة التي لا تبعد سوى 45 كيلومتر؟” جوكولوم هو الآخر، متسائلا في دخيلة نفسه: على من نلقى باللائمة؟ من المسئول من فوضى ارتفاع الأسعار هذه؟أهي مفتعلة حقا، أم طبيعية؟الكرة بملعب التجار أم الحكومة؟ومن هم التجار أصلا…

مثل هكذا التساؤلات و المظاهر ، بدأت تؤثر سلبا على حياة المواطنين وفي نفسيتهم، حيث أضحت قصة شح الوقود حديث الساعة بين الناس، في الملتقيات و المساجد والكنائس والأسواق وإلى ما هنالك من الأماكن التي تجتمع عندها الناس، استفاقت حكومة سيدي الحاكم مؤخرا وأدركت بأن لوم التجار واتهامهم بالمضاربين و بمستغلي المواطنين، لن يحل المشكلة، العكس، ربما سيزيد الطين بلا! وأن ترك المواطنين على هكذا الشاكلة، ربما ستدفعهم هذه المعانات والشكاوي إلى التفكير بالمطالبة بحياة كريمة، كي يستجيب لهم القدر!
للخروج من هذا النفق المظلم،قررت حكومة سيدي الحاكم بأخذ خطط عملية، وإجراءات صارمة ومشددة،فمن ضمن ما ورد في الإجراءات:
*تقليص الشركات المزودة من 50 إلى 5 فقط..
* اتخاذ الشركة الوطنية للمحروقات (SHT) كوسيط وحيد بين المصفاة والشركات الموزعة..
*تزويد الشركة الوطنية بالكمية الكافية من الوقود…
*مراقبة الحاويات من جرماي والى المحطات النهائية…
*تقليص عدد المحطات ومراقبتها من قبل جهاز الأمن..
*غلق المحطات العشوائية واعتقال كل المضاربين الذين استغلوا الوضع،ومنع بيع البنزين في الشوارع والطاولات…
*…الخ!

كلنا أمل في أن تعطي هذه الإجراءات الصارمة ثمارها المرجوة، وأن تسهم بأسرع وقت ممكن في حل أزمة الوقود التي لطالما صاحبها الكثير من الغموض، أما صديقنا السيد جوكولوم، فقد الأمل كليا، ولن ينتظر شيء من هذه الإجراءات التي على حسب رأيه، لن تجديه نفعا، فقد تم طرده من عمله: فقط لأنه تأخر قرابة ثلاث ساعات في طوابير الوقود…