الجمعيات الشبابية وتأثيرها على المجتمع التشادي..


صورة تعبيرية لواقع الجمعيات الشبابية...
صورة تعبيرية لواقع الجمعيات الشبابية…

منذ بزوغ فجر ما بات يعرف ب “فجر الحرية والديمقراطية” عام 1990، بقيادة رئيس الجمهورية السيد إدريس ديبي         و أعوانه، وبعد أعقاب انعقاد المؤتمر الوطني المستقل عام 1993، والذي تطرق المؤتمرون فيه إلى كل المشاكل الأساسية التي كانت تعيق الانطلاقة الحقيقية لتشاد نحو غد أكثر إشراقا، شهدت البلاد انفراجا نسبيا في الحريات الأساسية، وتوسعا ملحوظا في دائرة التجمعات السياسية والحقوقية و التحالفات والجمعيات المدنية، وخاصة الجمعيات الشبابية، إلا أن هذه الأخيرة، رغم اختلاف مجال نشاطها و تضاعف أعدادها يوما بعد يوم، يظل التغيير الذي حققته على المستوى المجتمعي لا يرى بالعين المجردة، ناهيك إلى أن أهداف بعض تلك الجمعيات الشبابية وما تصبوا إليه من آمال وطموحات، لا تزال غامضة ومحل شك للكثيرين…

ليس سرا على أحد، في أن بعض من الجمعيات الشبابية، قامت ولا زالت تقوم بالكثير من المبادرات الفعالة، والنشاطات الهادفة، وتقدم حلولا و مشاريع تنموية، وتساعد أحيانا في توعية المواطنين وسكان الريف في عدة قضايا، كمحو الأمية، الزواج المبكر، تعليم البنات، التعايش السلمي والتلاحم الوطني، الوحدة الوطنية، وتوعية الناس على مخاطر التجمعات العنصرية ، أو كتلك الجمعية التي أطلقت في وقت ما مبادرة: “يوم من دون تلفون” ردا على رداءة خدمات شركات الاتصالات…
ولكن، هناك نوع آخر من الجمعيات أيضا: كتلك التي تجمع الإعلاميين والصحفيين ليغطوا تنظيفها للشوارع من الأوساخ-مبادرة جميلة- وبعدها تفاجئ الجميع بخطاب سياسي تشكر فيه الرئيس وحرمه، ولكن، على ماذا؟! …الخ! كل هذه الجمعيات الشبابية، رغم قلة إمكانياتها، وانحصار نطاق عملها، إلا أنها قامت بالكثير…

استنادا من المادة 20 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، التي كفلت حرية الجمعيات واعتبرتها حقا أساسيا، ووعيا من القادة الأفارقة بأهمية الشباب في المجتمع، مما دفعهم لإصدار خارطة إفريقية للشباب، في يوليو 2006، والتي دعت في بنودها إلى منح الشباب إمكانيات أكثر، وإشراكهم في منابر صنع القرار في كل المؤسسات: الوطنية ،الإقليمية، القارية، والدولية، حيث صدق عليها أكثر من 28 دولة (صدقت عليها تشاد في 06-يونيو-2008)، وإيمانا من رئيس الجمهورية بمخرجات المؤتمر الوطني المستقل التي طالبت في توصياتها، بإعطاء الشباب دور هام في المجتمع وإشراكهم في تطبيق سياسة الحكومة عبر المجلس الوطني الاستشاري للشباب،كل هذه العوامل وغيرها فرضت على رئيس جمهوريتي، بأن يهتم بالشباب ويضعهم في قائمة أولوياته…نظريا!

اهتمام سيدي الحاكم بالشباب وجمعياتهم الشبابية، ودورهم في المجتمع، دفعه إلى إيفاد بعض المسئولين إلى بركينا فاسو عام 2010، ليستلهموا من طريقة بركينا فاسو في تعاملها مع الجمعيات الشبابية، وكيفية تدريبها لهم، وتقديم القروض إليهم عبر مبادرتها المعروفة ب: صندوق دعم مبادرات الشباب (FAIJ) ، وبعد رجوع الوفد من بركينا فاسو، حاملا معه بعض البيانات، أنشأت حكومة تشاد هي الأخرى ما بات يعرف ب:” الصندوق الوطني لدعم الشباب (FONAJ)، بتاريخ 21-ديسمبر-2010 وبدأ نشاطاته رسميا في الأول من مارس 2012، والذي يهدف إلى متابعة وتدريب الشباب الذين يحملون برامج ومشاريع تنموية هادفة، وتعزيز كفاءاتهم من أجل زيادة إنتاجهم، وبالتالي تؤدي إلى نقص الفقر والبطالة على مستوى شباب المدن ونظرائهم في الريف، إلا أنه رغم مرور أكثر من سنتين على إنشاء هذا الصندوق، لا تزال نتائجه على أرض الواقع شبه معدومة، والمعايير المتبعة للحصول على القروض شبه غامضة، والانتقاد لا يزال سيد الموقف في الوسط الشبابي…
ولكن بالمقابل:

هل هذا يعتبر سببا لجعل الجمعيات تخفق في تحقيق أهدافها؟

ما الذي قامت به كل هذه الجمعيات الشبابية من أجل توعية المواطنين وإحداث تغييرا طفيفا في المجتمع؟

أم إن دورها يقتصر فقط في حملات النظافة و شكر سيدي الحاكم عبر الخطابات الروتينية؟

أم أن الجمعيات أيضا أصبحت كالأحزاب، حيث يستغل فيها المؤسسون فراغ الشباب، ويظهرون على الشاشات مرارا وتكرارا، لشكر الرئيس، لعلهم سيجدون يوما ما اسمهم في أقرب تعديل وزاري قادم؟

ولكن ما الذي قدمته تلك الجمعيات الشبابية التي اختيرت واعتبرت بأنها تحمل برامج تنموية، وحصلت على التدريبات و القروض في وقت ما ؟

أليس من حق الشباب أن يعرفوا أين تذهب تلك المبالغ الطائلة (2 مليار فرنك في كل إقليم) التي خصصها سيدي الحاكم للشباب؟

ما الذي قام به المجلس الوطني الاستشاري للشباب منذ 2005 والى اليوم؟

أم أن الأمر كله لا يعدو مجرد مسرحيات و وعود انتخابية؟