القادة الأفارقة وحلم الصور في البيت الأبيض


كنت على علم مسبق، بالرحلة المكوكية التي قام بها قادتنا الأفارقة -رضي الله عن غيرهم- الى أمريكا، فما إن استيقظت من نومتي العميقة إلا وتجولت على السريع عبر صفحات بعض الرؤساء الأفارقة آملا أن أحصل على فحوى وخلاصة ما قاموا به خلال المؤتمر الذي دعى إليه الرئيس الأمريكي. واذا بي اتفاجأ! حيث أغلبهم لم ينشر سوى صورا مبعثرة هنا وهناك مع الرئيس الأمريكي وحرمه، في الوهلة الأولى، شعرت وكأنني في صفحة لمهرجان عرض أزياء. لم استغرب البتة، استطردت و قلت في داخلي: ” ربما هؤلاء الرؤساء كان حلمهم في ما مضى، هو أخذ صورة مع رئيس أعظم دولة ! من يدري؟”.

تركت صفحاتهم متشائما، واذا بي أقع على صورة سيدي الحاكم-أقصد رئيس جمهوريتي-وحرمه، مع نظيره الأمريكي! والتي نشرتها إحدى سفاراتنا نيابة عن سيدي الحاكم، وكما بات معروفا، فإن سيدي الحاكم الذي قرر بأن يقيم في سبتمبر القادم “صالون دولي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات”،وأن يجعل من دولتنا تشاد “مركزا لتكنولوجيا المعلومات في أفريقيا” لم يكلف نفسه عناء فتح صفحة على الفيس بوك، يبدو أن علاقته بالانترنت كعلاقة شيخ قريتي بتويتر!!

شغفي لتتبع الأحداث،ورحلتي للبحث عن فحوى ومضمون هذا المؤتمر قاداني الى احدى المدونات! واذا بأخبار غريبة تعترضني: رئيس نيجيريا يدخل -بضم الياء- الى العناية المشددة فور وصوله الى العاصمة واشنطن، ويجرى له تحليل لمعرفة في ما اذا كان حاملا لفيروس الايبولا! رئيس رواندا يخرق روتين الرؤساء الأفارقة،ويذهب الى واشنطن مع ابنته التي يفوق طولها المترين…وغيرها من الشطحات.

الرئيس الأمريكي في كلمته لم يتخذ أربع طرق، فمن بين ما ورد في حديثه أو بالأحرى إملاءاته التي وجهها الى حكامنا، ما يلي:

– القادة الأفارقة تعهدوا بالاصلاحات والحكم الرشيد..
– التركيز على الشفافية…
– بعد نقاش واستماع …اتفقنا على توسيع التجارة بنسبة 33 مليار دولار، وسوف توفر عشرات الآلاف من مواطن العمل…
– رفع مستوى 50 مليون أفريقي، وابعادهم عن شبح الفقر..
– 3 مليار دولار للاستثمار في صحة الأطفال..
– الاستثمار في المرأة وفي تعليمها..
– زيادة قدرة أفريقيا على الاتجار فيما بينها..
– بناء قوة أمنية في كينيا ، نيجيريا، مالي، غانا، تونس..
– بناء قوة لمواجهة الخطر…
– ستبقى القمة منتظمة، وندعو من يأتي بعدي بالاستمرار..

وكأن أفريقيا ولاية داخل أمريكا ، وباراك بكلماته هذه يقدم لنا طبقا من ذهب، لا يهم! فالرئيس الامريكي مهما قال فسيبقى رئيسا لأمريكا، ولا يبحث الا عن مصلحة أمريكا!لا أحد ينكر العلاقات بين الفضاءات والتي تقام على أساس رابح-رابح، ولكن عندما تتخذ من الديمقراطية والحرية ذريعة، للوصول إلى موارد الشعب؟ وعندما يقال أمام الكاميرا كلام وخلف الكواليس كلمات، وعندما يغض الطرف عن الانتهاكات التي يقوم بها القادة الأفارقة ضد شعبهم، فقط من أجل الحصول على صفقات! فهنا تكمن المشكلة..
ولكن أي مهزلة هذه: أن يذهب قادتنا الى هناك ويتعهدوا بأنهم سوف يقومون بالاصلاح وبالحكم الرشيد..
afrique1
• على من تضحكون؟
• إذا كنتم تريدون الاصلاح في أفريقيا كما تزعمون، لماذا لم تتوحدوا وتبدأوا بحل مشاكلكم الشخصية كي تجنبوا الشعب  ويلات تصدير الحروب؟
• إذا كنتم حقيقة منتخبين كما تدعون، فلماذا لاتلبوا نداءات شعوبكم؟
• لماذا تعدلون في بنود الدستور كي تحكموا الى الأبد؟
• لماذا لا تقومون بتفعيل دور الاتحاد الأفريقي كما يجب؟
• ما الذي يقف عائقا في إنشاء قوة أفريقية للتدخل السريع، بدلا من الإعتماد على الآخرين؟
• لماذا لا تنشئون سوقا مشتركا؟
• لماذا تقام القمة بغياب الأجيال الصاعدة، في حين أن عنوان القمة هو: الاستثمار على الأجيال القادمة؟
• لماذا اختارت أمريكا، المغرب والجزائر لتفعيل دورها في المنطقة؟

هذه الأسئلة وغيرها ربما ستجيب عنها قادم الأيام….أما أنا فالأفضل أن أرجع لسباتي العميق، لأنني أيقنت تماما بأنه لا جدوى ولا أمل من هؤلاء القادة…