الشباب … وحلم الوظيفة في تشاد!


 

 

 

نحن في قلب القارة السمراء، وبالتحديد في جمهورية تشاد التي كانت في الماضي القريب لا يسمع لها صدى،ولا يعرف عنها سوى: معارضين استولوا على المدينة ، معارك محتدمة أمام القصر الوردي، رصاصات طائشة تقتل المدنيين الأبرياء ، تجنيد اجباري للشباب في صفوف جيش النظام ، انقلابات عسكرية بين الفينة والأخرى للاستيلاء أو الديمومة على العرش، وإلى ما ذلك من الخزعبلات.

إلا أن تشاد بدأت مؤخرا تشهد استقرارا نسبيا، وتحولا في أغلب الجوانب الحياتية، وقد ساهم هذا الاستقرار النسبي ارتفاع في عدد الجامعات والمعاهد والثانويات، مما ادى الى تضاعف اعداد الخريجين والباحثين عن العمل يوما تلو الآخر.

يذكر أن الأسر التشادية في وقت قريب كانت تفتخر بحصول ابنها على الشهادة الثانوية أو الجامعية ، فقد كانت تقيم وليمة على شرف ابنها المتخرج وتدعوا الجيران والأقارب لتتقاسم معها الفرحة، فبحصول الابن على الشهادة الجامعية يصبح توظيفه مضمونا، ونجاحه شبه مؤكد.

ولكن مع هذا الإزدياد في عدد الخريجين من طرف، والفساد الإداري وشبح الوساطة اللذان يخيمان بظلالهما في دهاليز الادارات من طرف آخر،أصبح الحصول على الوظيفة أمرا غاية في الصعوبة، وخاصة أولئك الذين يعتمدون على الإجراءات الرسمية : كتقديم الملفات في الإدارات المختصة، وطي الطريق ذهابا وإيابا باحثين عن اسمائهم في”قائمة الموظفين المنتدبين” علهم يعثرون على أسمائهم على القائمة وتتحقق أحلامهم.

ولكن هيهات! لأن الناس اتخذت من الرشوة والوساطة دينا جديدا، فاعتنقته! ومن المقولة الميكافيلية: <<الغاية تبرر الوسيلة>>مبدأ، فتبنته. وأصبحت وزارة الوظيفة العمومية مجرد متحف لتكديس الملفات وحبسها في الأدراج، أو بالاحرى تمثالا قديما لزمن قد ولى، وليستحيل الشعار السائد : “ادفع…تتوظف” أو “ابحث عن مسؤول ليتوسط لك” علك بذلك تتوظف.

ولكن في ظل هكذا التخبط والفساد الاداري المتفشي في كل أجنحة الدولة،  ما ذنب الشباب الذين يلجؤون لتقديم الرشوة ؟ وخاصة عندما لا تجديهم السبل الرسمية نفعا،وحينما تغلق في وجوههم كل السبل الأخرى، ولا يكون بيدهم خيارآخر؟!

أليس التوظيف حقا من حقوقهم؟

أتريدون أن يفاجئهم سن التقاعد وهم على كرسي انتظار الوظيفة؟

أليس من حق الدولة ايجاد سبل لاستيعاب هؤلاء الشباب الخريجين، والذين يتزايد عددهم يوما بعد يوم؟

أيقتصر دور الدولة فقط في اطلاق الخطابات الافيونية والوعود السرابية التي لا تمت لواقع الشباب بصلة؟

من أجل الخروج من هذا النفق المظلم يا سيدي الحاكم، (حتى وإن كنت أغرد خارج السرب):
– نحن نطالب بعدالة رادعة لكل هؤلاء الذين تسول لهم أنفسهم باقامة شبكات ودول داخل الدولة!
– نطالب بوضع خطط حقيقية وعملية لاستيعاب الخريجين.
– نطالب بانشاء جهاز متابعة ومراقبة في كل الوزارات، وخاصة وزارة الوظيفة العامة لمتابعة ورصد وتطبيق مبادئ الادارة الرشيدة.
– نطالب بانشاء معاهد مهنية عليا وتعزيز جامعاتنا بأجهزة حديثة كي تسهم في زيادة كفاءة الطلاب.
– الشباب بحاجة لتخصصات حديثة تواكب تطور سوق العمل
– نظام رقمي لمتابعة الملفات في الادارات المسؤولة عن التوظيف

إن لم تجد حلولا يا سيدي الحاكم! سيزداد الوضع سوء، وستظل خطاباتكم وأحلامكم بأن تجعلوا من تشاد “مرآة إفريقيا”ومن الشباب محورا أساسيا للتنمية، مجرد كلام على ورق بل قد يتسبب غيظ الشباب وفراغهم في نشوب الحريق.