“ما عجبتو ” للأستاذ المخضرم أحمد بين …


” ماعجبتو

#تصحيح_المسار

يتعامل معظم المواطنين في بلدنا بالجهوية والقبلية بدرجة مفرطة وسلبية، يتم تصنيف الواحد من اسمه أو من نوع ملبسه أو مخارج أصواته فيأخذ التعامل معه منحنى غير طبيعي.

ترى المجموعة القبلية الفلانية بأنها أرقى من جارتها وأقدم منها في الرقعة الأرضية التي يتقاسمونها منذ قرون، ولها الأولوية في ممارسة الأنشطة هي وحدها والجارة لا جارة لها.

الكل يعيب خلق الله (ناس فلان زرق، ناس فلان حمر، دول قصار ودول طوال، عوينهم خنب، ما سمحات) حتى في العمل الشريف (هؤلاء حراتين، هؤلاء جمالة، دول بقارة، حمارة، غنامة…) بل من تلك المجموعات من ينتقض آيات الله، (ناس فلان نوبة ورطانة، دول عرب قح، ودول بين بين، ودول كردي).

هكذا يختلفون ويزرعون بذرة البغض والكراهية في وسط أطفالهم الأبرياء الذين سينشئون على عدوانية مجانية ويتفاقم الأمر حتى تصبح ثقافة لهم، ثقافة الأفضلية والرؤية الدونية.

في الأماكن العامة، عندما يختلف اثنان لسبب تافه بسرعة تتدخل الأسرتان والقبيلتان وتتوسع المشكلة حتى تنتهي بالغرامة أو بالقسم، نسي الناس فن التفاوض وحل النزاعات.

تخصصنا في تأجيج الصراعات، في كل عام يفتن أصحاب المواشي مع المزارعين مرة أو مرتين في رحلة الشتاء والصيف.

تسيل الدماء والإدارة عاجزة عن صرف الفتن التي تظل نائمة حتى الموسم القادم ليأتي ملعون لإيقاظها.
كنا في الماضي القريب، رحل وسكان قرى، نجلس سوياً لحل المشاكل والنزاعات، كنا ننجد الغريب ونستضيف ابن السبيل، كانت الحياة حلوة في أرياف تشاد بتكاتف وتلاحم بل وتصاهر سكانها وقول الحق، أما الآن طفح سوء التفاهم مع زيادة عدد المدعين بالثقافة وعدد حفظة كتاب الله والقونة وعدد المراكز الإدارية والسيه بيه (CB) وعدد الجهلة والقتلة.
يتحدث رجال الدين والمثقفون عن القيم الدينية والأخلاقية وهم لا يتحلون بها ويفتخر المواطن ببلده ولكنه ينتمي إلى قبيلته أو إلى عشيرته.

كم مرة أطلقت صافرة الإنذار ، يرجى من الساسة والمثقفين ورجال الدين وضع خارطة طريق لنفض الغبار وتصحيح المسار وإلا فالعاقبة للانهيار والاندثار. “